حول تشاور الداخلية والنخبة السياسية والنقابية/ أج ولد الدي

قرأت التقرير الصادر في ختام الأيام التشاورية التي نظمتها وزارة الداخلية واللامركزية مع ممثلي التشكيلات السياسية والنقابية والشخصيات والأطر المعنية بموضوع التشاور،والهيئات المسؤولة عن تنظيم ورقابة وتغطية الانتخابات...، فخرجت بملاحظات أبرزها:

- أن هذا التشاور لم يستثن أحدا ولم يقص طرفا؛ حيث تداعى إليه معظم الطيف الوطني من مختلف المواقع والخلفيات، وهي حالة يمكن - اعتمادا على تجارب سابقة - وصفها بالنادرة، كما يمكن اعتبارها مؤشرا قبليا حاسما على نجاح هذا التشاور، واستحقاقه الوصف ب"الوطني" عن جدارة.

- الإحاطة في النقاش بجميع المواضيع والإشكالات ذات الصلة بمحوري التشاور الكبيرين ( التحضير التشاركي للانتخابات الرئاسية، وتطوير الحكامة السياسية )،وبالمسار السياسي والانتخابي والحزبي بشكل عام؛ حيث يبدو أن المشاركين تتبعوا بدقة وناقشوا بشكل مفصل وبصراحة ومسؤولية كافة العناصر والعناوين الفرعية المشكلة للصورة السياسية الكلية، ثم اقترحوا - تأسيسا على ذلك -، من خلال توصياتهم حلولا لسد جميع الثغرات الموجودة، وتلك المفترض وجودها أثناء الممارسة والتطبيق..، 

- أن النظام جاد وماض في العمل بسنة التشاور ،وأنه، أي التشاور، يمثل فعلا زاوية نظر فخامة رئيس الجمهورية الثابتة التي ينظر منها إلى قضايا الدولة وإدارة شؤون الحكم، ووسيلته المعتمدة لمعالجة كل الملفات ..  

- فاجأني على سبيل الاستغراب عدد طلبات الترخيص لأحزاب سياسية ( 98 طلبا )، وهي حالة مرضية يجب - في نظري - تسجيلها في خانة دواعي إعادة النظر بصرامة في معايير وشروط ترخيص الأحزاب ، واستقبال طلبات ترخيصها، وذلك لوقاية الحقل السياسي من التمييع والفوضى المركبة، ومن آفة اختلال التناسب بين عدد الأحزاب وعدد السكان؛ إذ لا تمكن ترقية الديمقراطية إلا بالأطر والمشاريع السياسة الجادة القابلة للبقاء والتطور ذاتيا، المتناسب عددها مع عدد السكان،المؤهلة لتطوير المجتمع وتنميته حين تصل إلى مواقع قيادة وتسيير المرفق العمومي، وهو ما يحتاج لحمايتها من مزاحمة الأطر الشكلية ذات الضرر البالغ على السياسة والديمقراطية والسلطة والمجتمع ..

- تصلح هذه الوثيقة لأن تكون إطارا مرجعيا للجولة أو الجولات اللاحقة من التشاور حول القضايا التي تناولها التشاور في هذه الجولة، ومنطلقا نحو صياغة ميثاق جمهوري توافقي يتضمن حلولا استراتيجية لكافة القضايا والإشكالات الوطنية الكبرى..

 غير أن تجسيد هذا التوجه، يتطلب تحلي النخبة السياسية بمستوى كبير من المرونة والواقعية، كي تتمكن من التنازل والخروج من دائرة الطموحات الموغلة في المثالية والأنانية السياسية..

فهل إلى خروج من سبيل..؟