السدل والقبض بمناسبة عيد الأضحى المبارك 1444/2023 / محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ

قال العلامة والدْ بن خالُنا (ت 1212 هجرية) في شرحه مُختصر خليل المسمى " شفاء الغليل وراحة العليل في شرح مُختصر الشيخ خليل " والمشتهر باسم " معين والدْ الديماني " في موضوع السدل والقبض من باب سنن الصلاة:[ ( وسدلُ يديه) في حال قيامه ( وهل يجوز القبض) أي قبض إحدى يديه بالأخرى من تحت صدره ( في النفل) طوَّلَ أم لا ( أو) إنما يجوز فيه ( إن طوّل) ويُكرهُ في الفرض ( وهل كراهتُه في الفرض للاعتماد أو خيفة اعتقاد وجوبه ) للعوام ؟ وهذا ضعيفٌ لأنه يستلزم كراهةَ جميع المندوبات (أو ) خيفةَ ( إظهار خشوع ) ليس في القلب وقد تعوذ صلَّى الله عليه وسلم من خشوع ليس في القلب ؟ ( تأويلاتٌ) خمسٌ].

وقال العلامة محنض بابَ بن اعبيْد الديْماني 

 (1185 - 1277هجرية ) في شرحه الكبير على مُختصر الشيخ خليل المسمّى " ميسّر الجليل في شرح مُختصر الشيخ خليل ":[(و) ندب (سدلُ) أي إرسالُ ( يديه ) في قيام الفرض من غير قبض، وقيل : يُندب قبضُ اليمنى على اليُسرى إذا لم يُرِدْ الاعتماد .قاله عياض وابنُ جزيْ . وبنحوه صدر ابنُ رشد ، ( وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله).والأكثر على أنه من سنة الصلاة وتمام خشوعها لأنه وقفة الذليل وفيه ضبط عن الحركة والعبث ، وهو أحد قوليْ مالك ، وكرهه في المدونة. وعلى ندبه فهل يضع يديه عند صدره ؟ أو فوق سرته ؟ وهو لمالك أو تحتها ؟ أقوال ذكرها القباب .( وهل يجوز القبض في النفل ) طوّل أو لا (أو) إنما يجوز ( إن طوّل ) وإلا كُره ؟ تأويلان . (وهل كراهتُه ) أي القبض (في الفرض) على القول بها (للاعتماد) لأنه كمستند إذ في ذلك تخفيف القيام ، فلو فعله لغير اعتماد بل للسنة لم يُكره ( أو) إنما يكره ( خيفةَ اعتقاد وجوبه ) أي كونه من لوازم الصلاة ، وهذا لابن رشد لقوله : ومعنى كراهيته أي يعد من واجبات الصلاة (أو) خيفة ( إظهار خشوع) لم يكن في الباطن وذلك من خشوع النفاق وهو أن يُرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع ، وهذا تأويل عياض، وعليه فلا يخص ذلك بفرض ولا نفل. قاله تت (تأويلات) خمسة اثنان في النفل وثلاثة في الفرض].

قلتُ: ووالدْ بن خالُنا ومحنض باب بن اعبيْد هما أول من شرح مُختصر الشيخ خليل في الجنوب الموريتاني. وقال الشيخ ابّاه بن عبد الله حفظه الله ورعاه " إن شرح والد الديماني هو محصلة منهج التدريس في منطقة إگيدي في ذلك العصر".هذا وإنَّ محمد والدْ هو من شيوخ محنض بابَ كما هو معلوم إلى جانب الأمين بن الماحي الأصغر بن الماحي الأكبر بن الحسن دوبك الديماني وعبد الله بن أشفغ المختار بن حبللَّ بن الفاللِّ بن أشفغَ أوبك التمگلاوي وخاله حمدي بن المختار بن الطالب أجودْ. وقد نقل تتلمذ محنض باب على والد بن خالُنا الأستاذ الداه بن محمد عالي عن العلامة المختار بن حامدن رحم الله السلف وبارك في الخلف . جاء في كتاب " عيون الإصابة في مناقب محنض بابَ " لمؤلفه ميلود بن مختار خيْ :" أخبرني شيخي محنض بابَ أنه سمع شيخَهُ الوليَّ الشهيرَ والدْ مؤلف " شفاء الغليل على مختصر خليل " رحمه الله يحدث أن بني يحيى بن عثمان دخلوا بلادَ بني ديمان وهو صبيٌّ (….) فنزلوا بئراً يقال لها انشكرْكرْ فسمع عجوزا منهم تقول : ادخلوا إيگيدي فإنه حرمٌ آمنٌ ومن دخله كان آمناً "...

 وكان محنض باب لا يذكر محمد والدْ إلا مقرونا بلفظ الشيخ . ومن ذلك قولُه في كتابه الميسر الكبير عن قول خليل في فصل الطهارة : " ودم مسفوح" : أي مُسالٌ بجرح أو غيره ، وليس منه ما سال بعد الذكاة من العُروق، بخلاف ما يوجد في جوف المذكى .وذكر الشيخ والِدْ وابن راره :"أنه يُعفى عما يقطر منه على اللحم ".

هذا وأختم فأقول إن العلامة محنض بابَ بن اعبيد له شرحان على مُختصر الشيخ خليل أحدهما كبير وهو المطبوع المتداول و الآخر صغير وهو نادر توجد منه نسخة في مكتبة دار الرضوان لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابُّوه اليعقوبي الموسوي . وقد أخبرني مدير هذه المكتبة الفقيه الحسن بن محيي الدين بن ابوه أن بابَ الحج المتضمَّن في النسخة المطبوعة من الميسر الكبير بعناية " دار الرضوان " هو من الميسّر الصغير لأن العلامة محنض باب لم يشرح ذلك الباب أصلا من المختصر في ميسره الكبير .. وبالمناسبة أقول إنني أستعدّ الآن لنشر كتاب محمد والدْ بن خالُنا "شفاء الغليل وراحة العليل في شرح مُختصر الشيخ خليل " المشتهر في المحاظر الموريتانية باسم " معين والد الديماني " في جزأيْه بعد أن اكتملت مراجعته وتصحيحه بعون الله وفضل منه باكتمال العشر الأواخر من ذي الحجة 1444 هجرية .

وللأمانة العلمية، نظرا إلى أن "مُعين والدْ" لم يتضمن هو الآخر شرح "باب الحج" من مُختصر الشيخ خليل أصلًا، فقد استأذنتُ أخي في الله وابن خالتي: السيد محيي الدين بن أحمد سالك بن ابُّوه مسؤول "دار الرضوان " في إدماج بابِ الحج من كتاب الميسّر الصغير للعلامة محنض باب بن اعبيد الديماني في كتاب العلامة محمد والد بن خالُنا الديماني .

وبالمناسبة فإن التعاون بين دار الرضوان و زاوية العلامة والدْ بن خالُنا ليس جديدا كما أنه ليس وليد الصدفة ، وفي إطاره تتنزل القطعة التالية التي يعود تاريخها إلى 15 نوفمبر 2017م، وقد اقتصرتُ فيها على بعض أفراد الأسرة دون بعض و لسان حالي يقول تأسيا بامحمد بن أحمد يوره :

والنظم ضاق ببعضهم فحذفتُه

ولربما حُذف الذي لم يُجهلِ :

 

لَكَأنَّما من جُرعة السّلوان

ما قدْ سَقَتْنِي " دارةُ الرضوان "

 

أهدتْ إليَّ اليومَ من نَفَحاتها

نَشرًا يُأَجِّجُ فَرحةَ النَّشوانِ

 

كُتبٌ رضيتُ بنشرها و بطيِّها

أسلو بها عن صُحْبَةٍ و غَوَانِ

 

و لقد سلوتُ بدرسها عن جيرتي

و أحبَّتي و الأهل و الإخوان

 

و سلوتُ عن غيِّ لنفسٍ إذْ لها

غيٌّ له الشيطان قد أغواني

 

كتبٌ أروضُ النصَّ في صَفَحَاتها

روضًا فوَاكِهُهُ إليَّ دَوَانِ

 

لا أنثني عن درسها في هدْأَةٍ

حتَّى أعودَ إليه بعدَ ثَوَانِ

 

فالشُّكر منِّي للبنين أزفُّهُ

و مديرِها و لِسائِر الأعوان

 

كَمْ طبعةٍ راقَتْ برقَّة طبعهمْ

سِرٌّ رَوَاهُ إليْهُمُ الأَبَوَانِ

 

كم سالكٍ نهجًا لأحمدَ سالكٍ

منهمْ بلا كَلَلٍ و لا بتَوَان

 

كمْ منهمُ مُحيٍ لدينٍ قد عفا

رسمٌ له أودى به المَلَوَان

 

كم منهمُ أحيَى المروءةَ بعد مَا

لاقت بذي الأوطان كلَّ هَوَان

 

فجَزَاهُمُ عنِّا الإلهُ بفضله

بسحائب الرِّضْوَانِ كُلَّ أَوَانِ

 

 و جزاهمُ التعميرَ في طاعاتِهِ

و أَقَامَهُمْ فِي جَنَّةِ الرِّضْوَانِ!