لماذا يكرم الرئيس؟/ محمد عبد الله لحبيب

خلال سنوات حكمه الأولى واجه نظام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني اختبارين جديين، تجاوز فيهما النجاح بأشواط.

 

1. الاختيار الجدي الأول كان جائحة كورونا التي هزت اقتصاديات العالم وأنظمته الصحية، وقد أثبتت الأيام أن الرجل الذي ورث نظاما صحيا على شفا التضعضع، مسنودا بتراكم سنوات من تخريب الإدارة، استطاع بجدية ومتابعة حازمة أن يقف في وجه الجائحة ويدير الأزمات الناجمة عنها بصبر وتؤدة، وباقتدار آتى أكله بسرعة.

 

2. كسبت موريتانيا رهان هزيمة الجائحة، وخلفت وراءها نظاما صحيا تضاعفت قدرته الاستيعابية، وتحسنت خبرات طواقمه، وتطورت منشآته، وتحسنت الخدمات فيه أضعافا مضاعفة. نعم، وأنا أتحدث عن تجربة شهر من التردد على مراكز استطباب مختلفة؛ زائرا أو مرافقا.

 

3. تأتي شهادة اليوم من منظمة الصحة العالمية وهي تكرم الرئيس غزواني على حسن أدائه القيادي في مواجهة الأزمة لتكمل ما كنا شهودا عليه، من تلك القيادة، وما شاهدناه خلال الأزمة وبعدها. 

 

شهادة منظمة الصحة العالمية التي واجهت غطرسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وهو في أوج قوته، لا يمكن أن تكون مجاملة لرئيس دولة نائية عن مركز القوة العالمي. لذلك فهي خالية من شبه التسييس والمجاملة، وهي شهادة لا تمنح كل يوم لقادة دول العالم الثالث.

 

4. الاختبار الثاني هو إدارة ملف العشرية، وهو ملف راهن كثيرون على موته في كل لحظة، ونط كثيرون شفاههم سخرية من مجرد الحديث عن حرب جدية على الفساد، وادعى آخرون أنه مجرد مسرحية لن تصل إلى نتيجة. وها هي المحكمة اليوم تسائل الرجل الذي ظن أن لن يقال له من أين لك هذا؟ وتكشف أمام الرأي العام الوطني خبايا النهب التي أنهكت موارد البلد، وأتت على باقي مصداقيته.

 

دعك من مستثمرين سياسيا في ملف العشرية ظنوه رافعة لهم إلى تجديد مأمورية برلمانية، أو سبيلا إلى منصة تتويج بدعوى بطولة، وهم الذين لم يغبر لهم قدم في النبش في الملفات، وإنما كانوا ظواهر صوتية على هامش التحقيق تتحين الفرص للانقضاض على "مجد محاربة الفساد". 

 

ودعك من مدعين لا يعيرون الحقائق الماثلة أي اهتمام، ويلهثون خلف سراب التسييس، وخلف دعاوى الجماهيرية والشفافية! فما بأولئك ينهض وطن، ولا بأولاء يسعد مواطن.

 

5. شهادة منظمة الصحة العالمية للرئيس غزواني وقيادته جاءت متأخرة عن شهادات منظمات دولية وبيوت تمويل عالمية، وشركات استثمار كبرى، كلها كسب الوطن ثقتها في ظل قيادة رجل لا يخرج من أدراج مكتبه عروض الصفقات، ولا يساوم التجار، ولم يملك الشاحنات، ولم يذكر اسمه في عملية فساد، ولم يدع عليه خصم أو عدو أو صديق دعوى في ذمته المالية، ولا في صحيفته الأخلاقية.

 

6. يحدثني بعض العارفين بالمجال التجاري والاقتصادي عن ثلاث حقائق ماثلة للعيان:

 

- حجم احتياطي من العملة الصعبة أعاد ثقة التجار في البنك المركزي، وسهل عليهم عمليات الاستيراد، بتوفر حاجتهم من العملة الصعبة، وفق معايير فنية واضحة، وليس بسبب حظوة، أو قرب أو رشوة. وهو ما انعكس على أسعار العملات التي تراجعت أمام الأوقية إلى مستويات لا عهد لها بها. 

 

دعهم يقدمون تحليلاتهم الباردة عن التضخم وحجم ميزانيات التسيير، واسأل أين الديون الكويتية التي عشنا في ظلها حوالي 30 عاما تتراكم كل يوم؟! لقد نجحنا في إنهاء ملفها إلى الأبد. 

 

- بيوت تمويل عالمية تجوب أروقة المؤسسات الوطنية، عمومية وخصوصية، حاملة صكوك قروضها، متحفزة لتقديم دعم، أو تمويل مشروع، أو إعطاء قرض ميسر. وما خبر وكالات التعاون الغربية التي بدأ بعضها تمويلاته لأول مرة، واستأنف بعضها ضخ التمويلات بعد أن أوقفها منذ العام 2015. 

 

  - وفرة تموينية تقضي على كل دواعي القلق من أزمات الغذاء؛ عززها اكتفاء ذاتي تحقق في مجال الأرز، ويوشك أن يتحقق في الخضار، وفي طريقه إلى ذلك في القمح وسلع أساسية أخرى. استمع إلى سخريتهم من حجم صادرات البطيخ، وتشكيكهم في العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان ومشتقاتها، ومن اللحوم البيضاء ولواحقها. 

 

انفض أذنيك من كل ذلك وتوجه نحو رب رحيم وفق قيادة البلد لتجعل من الزراعة مشروعا وطنيا يطعم منه الجائع، ويأمن به الوطن غوائل الأزمات. 

 

اسخروا من الإقلاع الاقتصادي، ونكتوا على الاكتفاء الذاتي، وثبطوا العزائم عن المضي في مشروع التأمين الصحي، وشككوا في جدوائية المدرسة الجمهورية، وأغمضوا أعينكم عن الإنجاز الاجتماعي.. وعيشوا السكينة السياسية وأنتم منكرون لطمأنينة الاستقرار التي تغشى رقعة الوطن، وتظلل ساكنيه.. 

 

لكن ثقوا أن عجلة التاريخ قد دارت، وأن مديرها لا يأبه لتلك التشكيكات، ولا يلقي بالا لسخرية المغفلين.. 

 

واصلوا التكذيب والتشكيك والسخرية، حتى تدمغكم الحقائق تحملها شهادات آخرين لا تجمعنا وإياهم إلا آصرة الموضوعية، والمعايير المحايدة، ولكنهم قوم يفهمون.