وقائع الأسبوع الثاني من محاكمة المشمولين في ملف العشرية

انطلقت صباح اليوم الإثنين، بقصر العدل في نواكشوط، الجلسة الثالثة من جلسات محاكمة المتهمين في ملف العشرية، وسط حضور كبير للصحفيين، وهيئات الدفاع عن المتهمين، وبعض ذويهم.

رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين، تأكد في بداية الجلسة من حضور جميع المتهمين، حيث سجل لأول مرة منذ انطلاق المحاكمة حضور رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات الذي وصل إلى نواكشوط قبل ليلتين، قادما من إسبانيا حيث كان يتعالج، وفق هيئة دفاعه، كما أقر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، لأول مرة أيضا بتمثيله لهيئة الرحمة المتهمة بغسل الأموال.

وبعد التأكد من حضور المتهمين، طالب رئيس المحكمة هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بانتداب أربعة أفراد للرد على آراء النيابة العامة والطرف المدني، حول جدلية شرعية توقيف المتهمين أثناء فترة المحاكمة، التي كان موضوع الجلسة الماضية.

المحامي وعضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق، سيدي ولد محمد فال، قال إن موكله لم يكن في حالة إفراج مؤقت، ولايخشى فراره من العدالة، وأن أمر الإيداع الذي صدر بحقه لامعنى له، مشيرا إلى أن النص القانوني يؤكد أن سجن المتهمين في مثل هذه الملفات يجب أن يكون في المؤسسات التابعة لوزارة الدفاع حصرا، وأن موكله مسجون في مؤسسة تابعة لوزارة الداخلية، بينما ركز المحامي محمد المامي ولد مولاي اعلي، على ماوصفه بعدم جواز الإيداع إلا بعد الاستجواب، ملفتا إلى أن النيابة العامة ذهبت إلى أن قرارات المحاكم لاتناقش مع المحاكم نفسها، ونسيت أن القانون يستثني القرارات المتعلقة بالحريات، وأن كل متهم صدر بحقه أمر إيداع له الحق في الطعن فيه، ومطالبا بتصحيح هذا الإجراء التهميدي والإفراج عن موكله.

من جهته قال محامي المتهم رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات؛ الأستاذ عبد الله ولد تاج الدين، إنه كان على المحكمة أن توجه لموكله الاستدعاء على أساس أنه موجود في أوروبا، وأنه سبق أن طالب المحكمة عن التراجع عن اعتبار موكله فارا من العدالة، مضيفا أنه رغم ذلك فقد اختارت الشرطة توقيف موكله لحظة وصوله للمطار دون أن تسمح له بلقاء ذويه، وأن على المحكمة أن تفرج عنه لحالته الصحية، ولكون تقييد حريته لم يقع بصفة قانونية، وفق قوله.

النيابة العامة في ردها على أعضاء هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أكدت أنها تتمسك بأوامر الإيداع الصادرة عن المحكمة، مع تأكيدها على أن مكان أي شخص متابع في قضية فساد أمام محكمة جنائية هو السجن.

الطرف المدني الذي يتولى الدفاع عن الدولة الموريتانية، استنكر على لسان المحامي فضيلي ولد الرايس، ماوصفه بالتدخلات الخطيرة لفريق الدفاع والتي نال بعضها من أعضاء فريق الطرف المدني بشكل مباشر، مردفا أن المحاكمة ليست سياسية كما يروج الدفاع، وأن تكرار ذلك إهانة للقضاء، يجب توقيف من يصرون عليه، بينما اختصر القاضي السابق والمحامي الحالي محمد عبد الرحمن ولد عبدي مداخلته تقريبا، على مطالبة رئيس المحكمة بفرض الحجاب على المحامية اللبنانية ساندريلا مهرج، مؤكدا أنه لاينبغي للمرأة أن ترافع في محكمة دولة مسلمة وهي تكشف عن رأسها، ومتهما فريق الدفاع بمحاولة إلهاء رئيس وأعضاء المحكمة، والتشويش عليهم حتى لايدخلوا في الموضوع المهم.

نقيب المحامين الموريتانيين ورئيس فريق الطرف المدني إبراهيم ولد أبتي، قال إن طرفية الدولة الموريتانية في قضية الأموال المهدورة وتوكيلها للفيف من المحامين، حقيقة لاجدال فيها وأن على الدفاع أن يتعامل مع ذلك بوصفه حقيقة، مشيرا إلى أن وزارة المالية سلمتهم توكيلا بالدفاع عنها، شأنها شأن شركتي صوملك واسنيم اللتان تعتبران، أنهما تضررتا من الأفعال المنسوبة لبعض المتهمين وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وكذلك منطقة نواذيبو الحرة.

وفي حدود الواحدة زوالا وبعد الاستماع لجميع الأطراف، أعلن رئيس المحكمة اعتماد الطرف المدني كطرف مدافع عن الدولة الموريتانية، والدخول مباشرة في استنطاق المتهمين، حيث استدعى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وبعد التأكد من هويته، خاطبه بالقول، " أحلتم إلى محكمتنا بتهم منها تبديد الأموال العامة، والحصول على الأموال بطرق غير شرعية، ومنح امتيازات غير مبررة، والإثراء غير المشروع،واستغلال النفوذ؛ فكيف تردون ؟".

وقبل أن يرد ولد عبد العزيز على سؤال القاضي، كانت مجموعة من هيئة دفاعه تقف خلفه مباشرة مطالبة رئيس المحكمة بالسماح لها بتقديم دفوعات شكلية تتعلق بعدم قدرة القضاء العادي على استنطاق رئيس سابق، مؤكدة تمسكها بما نصت عليه المادة 93 التي تنص على أنه، "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته الا في حالة الخيانة العظمى، ولا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية، التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني وبالأغلبية المطلقة لأعضائها، وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية"، ومطالبة رئيس المحكمة بإعلان محكمته غير قادرة على محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

المحامي السينغالي كليندور لي، وبعد جدل حول إمكانية السماح لمترجمه الخاص بالترجمة بينه ورئيس المحكمة، وبعد أن قررت المحكمة أن عليه الاستعانة بأحد زملائه في فريق الدفاع، قال إن المحكمة لايمكنها رفع الدفع الشكلي الذي تقدمت به هيئة الدفاع، لأن كل القوانين الدولية التي صادقت عليها موريتانيا تراعي خصوصية الرؤساء أثناء المحاكمة وتقر أن المحكمة السامية وحدها هي من يحق لها استنطاقهم، وأن على المحكمة أن تعلن عدم اختصاصها في هذا الملف.

من جهتها أكدت المحامية اللبنانية ساندريلا مهرج، أن نقاطا جوهرية تمت إثارتها كان على المحكمة أن تتوقف عندها، مؤكدة أن القانون يحدد فترة أمر الإيداع ب 24 ساعة أو 48 على أبعد تقدير، وهو مايعني أنه على المحكمة إطلاق سراح المتهمين عصر اليوم الإثنين، قبل أن يقاطعها رئيس المحكمة بأن الأمر ليس كذلك، وأنه يعذرها دون غيرها لعدم اطلاعها على القانون الإجرائي الموريتاني.

ساندريلا اعتبرت أن رئيس المحكمة أساء إليها، مضيفة أنها تتعرض للكثير من التنمر من طرف لفيف المحامين في الطرف المدني وأنها تحملت ذلك، لكنها لن تقبل تنمر رئاسة المحكمة، ثم أنهت مداخلتها وانسحبت احتجاجا على كلام رئيس المحكمة، قبل أن يتدخل المحامي محمدن ولد الشدو مطالبا ساندريلا بمواصلة حديثها، لتعود مطالبة بإثارة موضوع ماوصفته بعدم دستورية إجراءات هذه المحكمة منذ بداية المحاكمة وحتى الآن.

بعد ذلك استدعى رئيس المحكمة عمار ولد محمد الأمين، المتهين تباعا وذلك على النحو التالي:

-الوزير الأول السابق يحيى ولد حدمين
-الوزير الأوا السابق محمدسالم ولد البشير
-مدير شركة اسنيم سابقا محمد عبد الله ولد اوداعه
-الإداري المالي محمد سالم ولد إبراهيم فال
-محمد ولد الداف 
-محمد ولد امصبوع
- رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات 
-والعدل المنفذ محمد الأمين أروكاي
-هيئة الرحمة

وبعد استنطاق جميع المتهمين، الذي أنكروا التهم الموجهة إليهم، والاستماع إلى الدفوعات الشكلية التي قدمتها هيئات دفاعهم، أعلن رئيس المحكمة في حدود السادسة مساء تعليق الجلسة الثالثة من محاكمة المتهمين في ملف العشرية، إلى يوم غد الثلاثاء.