نفقات الرئيس و الوفد الرئاسي/ الوزير السابق العقيد الشيخ سيدي أحمد ولد بابامين

استمرت خدمتي مع الرئيس المختار 4 سنوات و3 أشهر. وخلال هذه الأشهر الـ51 جبت معه جميع ولايات الوطن ورافقته في زياراته العديدة إلى جميع الدول العربية تقريبًا، وأكثر من ثلاثين دولة أفريقية، ومعظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واليابان وباكستان. ومن نافلة القول إن الرئيس المختار سافر كثيرًا حول العالم خلال هذه الفترة، وإني كنت في موضع يخولني أن أشهد بأنه كان دائمًا في أقصى درجات التقشف لنفسه وللذين تشرفوا بمرافقته خلال هذه الرحلات، حيث ما فتئ يرفع صورة موريتانيا عالية ويخدم القضايا العربية والأفريقية الكبرى (القضية الفلسطينية، تصفية الاستعمار في أفريقيا)، لاسيما أثناء رئاسة بلادنا لمنظمة الوحدة الأفريقية، سنتي 1971-1972.
 وسواء أكانت أسفاره زيارات دولة أم زيارات عمل أم صداقة أم حتى الرحلات الطويلة عبر العديد من البلدان للدفاع عن القضايا الرئيسية المتعلقة  بتصفية الاستعمار، والتي استمرت إحداها أكثر من ثلاثين يوما متتالية.. كان الرئيس المختار يسافر دون أي حارس أمني وبدون خادم خاص، فارضا على نفسه دائمًا، وعلى جميع الوفود التي ترافقه، نظاما جافا من حيث "نفقات المهمة". كان هناك فقط مبلغ مالي زهيد يُعهد به إلى شخص من حاشيته المباشرة يجعل من الممكن، إذا لزم الأمر، دفع تكاليف الإقامة والتموين لأعضاء هذه الوفود عندما لا يكون البلد المضيف متكفلا بها، بالإضافة إلى الإكراميات  المتواضعة التي تقدم لموظفي خدمة الفنادق. وقد يتم استخدام هذا المبلغ أيضًا، من وقت لآخر، لمساعدة مواطنين، طلاب أو غيرهم، يواجهون مشاكل في البلدان  المزورة.
 على أية حال كان الرئيس المختار يتأكد أن أي مبلغ أنفق يتم تدوينه وتبريره بشكل منهجي في بيان النفقات، والذي يصادق على مطابقته بنفسه بتوقيعه الخاص، قبل إرساله إلى الخزينة العامة، مصحوبا، عند الاقتضاء، بما تبقى من هذه  المبالغ، مقابل إبراء الذمة.
وإذا وقع أبسط تجاوز في تسيير هذه المبالغ تتم معاقبة مرتكبه بشكل منهجي من خلال رسالة إشعار رسمي موقعة من طرف الرئيس شخصيا موجهة إلى صاحب ذلك التصرف للمطالبة بتسديد النفقات غير المبررة.
  ----------------------
من مقال للوزير والسفير السابق العقيد الشيخ سيدي أحمد ولد بابامين