ملف العشرية.. النيابة العامة: محاكمة الرئيس السابق شرعية

تواصلت اليوم الثلاثاء، لليوم الرابع على التوالي جلسات محاكمة المتهمين فيما بات يعرف "بملف العشرية"، وذلك وسط حضور أمني مكثف في محيط قصر العدل.

 

وبدأت الجلسة الرابعة من المحاكمة في حدود الساعة التاسعة صباحا، حيث ردت النيابة العامة بعد انطلاق الجلسة مباشرة والتأكد من حضور جميع المتهمين، على الدفوع الشكلية التي تقدمت بها هيئات الدفاع عن المتهمين يوم أمس الإثنين.

 

وتركز رد النيابة العامة حول شرعية اختصاص المحكمة الجنائية في محاكمة الرئيس السابق، مؤكدة أن المحكمة مختصة في الحكم على الأشخاص المحالين إليها، وأن المادة 93 من الدستور التي استند إليها أغلب الدفوع الشكلية، لاتحمي شخص الرئيس إلا خلال ممارسته لوظائفه الدستورية فقط، ومعتبرة أن فهم الدفاع لمقتضيات هذه المادة خاطئ جدا، وأن قانون الشفافية في الحياة العمومية، تضمن في مادته الثانية، أن الرئيس مطالب بالتصريح بممتلكاته عند بداية ونهاية مأموريته، ومتسائلة "ماقيمة أن يفرض القانون على الرئيس التصريح بأمواله ثم يكون محصنا من المتابعة بعد الخروج من السلطة؟".

 

وأضافت النيابة العامة، أن جميع الأفعال في الملف المحال للمحكمة خارجة عن الوظائف الدستورية للرئيس، وغير مشمولة بالحصانة، وأن محكمة الجنايات مختصة في البت في جميع الملفات التي تحال إليها.

 

من جهته اعتبر المحامي في الطرف المدني محمد محمود ولد صالح، أن الدفع بعدم الاختصاص هو دفع خفي بعدم دستورية الأحكام الصادرة عن المحكمة، وأن المادة 200 من قانون محاربة الفساد تحدد الأشخاص الذين يطبق عليهم القانون، وأنه لايوجد استثناء لشخص الرئيس، فيما استغرب المحامي فضيلي ولد الرايس الدفع بعدم الاختصاص، مشيرا إلى أن هيئة الدفاع نسيت أنها ترافعت أمام هذه المحكمة التي تقول بعدم اختصاصها لمدة يومين، وطالبتها بالبت في قضايا جوهرية تتعلق بالحريات، ومتسائلا " كيف يمكن للمحكمة البت في قضايا جزئية من الملف، وهي غير معنية بمحاكمة المتهمين فيه؟".

 

المحامي عن الطرف المدني عبد الله ولد احبيب، قال إن الحصانة تزول بإزالة السبب، وأن الرئيس الوحيد في العالم الذي يمتلك حصانة مطلقة هو "الرئيس الإسرائلي".

 

عبارة "الرئيس الإسرائيلي"، في مرافعة ولد احبيب، أثارت جدلا طويلا داخل قاعة المحكمة، حيث قاطعته المحامية اللبنانية ساندريلا مهرج معتبرة أن كلمة "الرئيس الإسرائيلي" اعتراف صريح بوجود دولة إسرائيلية في الوقت الذي لايوجد في الواقع سوى كيان غاصب فقط، ومطالبة بسحب الكلمة والاعتذار عنها، قبل أن يتضامن معها بقية فريق الدفاع بمن فيهم رئيس الفريق المحامي محمدن ولد الشدو، والمحامي اباه ولد امبارك.

 

رئيس المحكمة تدخل للسيطرة على الجدل المثار، سامحا للمحامي عبد الله ولد احبيب بمواصلة حديثه، حيث أكد الأخير أنه لامزايدة عليه في معاداة ماوصفه هذه المرة "بالكيان الصهيوني"، لكن رئيسه هو الوحيد الذي يمتلك حصانة مطلقة، وأن هذا يجب أن يكون سببا كافيا لغض الطرف عن قضية الحصانة التي لا أصل لها في القانون الموريتاني ولا في الدين الإسلامي.

 

هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عادت لتؤكد في ردودها على النيابة العامة والطرف المدني، أن محاكمة موكلها محاكمة سياسية قامت على تأويلات مغلوطة من البداية، مؤكدة أن موكلها لايتابع في قضايا سابقة أو لاحقة على توليه السلطة، وإنما يتابع في قضايا يفترض أنه مارسها وهو في السلطة، وينبغي أن تكون مشمولة بالحصانة التي توفرها المادة 93 من الدستور.

 

وشددت هيئة الدفاع، على أن ماوصفته بالمناكفات السياسية أمام المحاكم، سابقة في تاريح البلاد، وأن ملف العشرية ولد في أزمة المرجعية، وأن الهدف منه حرمان ولد عبد العزيز من حقه في ممارسة السياسة، مضيفة أنها تتمسك بطلبها للمحكمة بإعلان عدم اختصاصها وقدرتها على محاكمة الرئيس السابق، استنادا للمادة 93 من الدستور.

 

رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين، أعلن في حدود الثانية ظهرا، رفع الجلسة للاستراحة والغداء، والسماح للشهود بالانصراف حتى جلسة جديدة، في إشارة إلى استحالة الاستماع إليهم فيما تبقى من عمر جلسة اليوم.