الجلسة الثانية من محاكمة "ملف العشرية".. 9 ساعات من المرافعات المتواصلة
اختتمت مساء اليوم الخميس، بقصر العدل في نواكشوط، وقائع الجلسة الثانية من جلسات محاكمة المتهمين فيما بات يعرف بملف العشرية، وسط حضور معتبر لفرق الدفاع وذوي المتهمين، وبعض الصحفيين.
وافتتحت الجلسة في حدود الساعة العاشرة صباحا، واستمرت لمدة 9 ساعات، تميزت بمرافعات طويلة أحيانا وشديدة اللهجة في أحايين أخرى، رفعت خلالها الجلسة مرة واحدة فقط، وتركزت أساسا حول أمر الإيداع الصادر بحق المتهمين في ملف العشرية، والذي نص على توقيفهم مساء الثلاثاء الماضي عشية انطلاق المحاكمة.
البداية
بدأت الجلسة كما هو معهود بالنداء بأسماء المتهمين، حيث سجل لليوم الثاني على التوالي غياب المتهم محمد الأمين ولد بوبات، الذي طعن محاميه عبد الله ولد تاج الدين فورا في حكم المحكمة في جلستها يوم أمس والذي اعتبر موكله في حالة فرار من العدالة، مؤكدا أن موكله ذهب للعلاج في إسبانيا يوم 30/12/2022 وهو حينها حرا، وأن المحكمة لم تتخذ أي إجراء قبل خضوعه للعلاج، وأن اعتباره فارا من العدالة لمجرد أن طارئا صحيا حال بينه والحضور، لم تراعى فيه حالته الصحية، ومطالبا المحكمة بالرجوع عن هذا القرار وتأجيل كلما يتعلق بموكله حتى يسمح له وضعه الصحي بالمثول أمام المحكمة.
نقاش حاد
المحامي عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سيدي ولد محمد فال، طالب بعد 20 دقيقة فقط من بداية الجلسة، بالبت في وضعية توقيف المتهمين التي اعتبرها غير قانونية، ولم تحترم المساطر القانونية المعروفة، حيث لم تبلغ المحكمة المتهمين بأمر الإيداع، وكانت هذه المداخلة بداية شرارة نقاش حاد سيستمر حتى بعيد انتهاء جلسة اليوم الثاني من هذه المحاكمة.
المحامي محمدن ولد الشدو، تدخل مباشرة بعد ولد محمد فال مطالبا بالسماح للموجودين أمام باب قصر العدل بالدخول مادامت طاقة القاعة الاستيعابية تسمح بذلك وتسهيل إجراءات الدخول بالنسبة للمحامين، معتبرا أن مايحدث أمام القصر عسكرة واضحة لمحاكمة عادية، يفترض أنها لاتختلف عن أي محاكمة أخرى وفق قوله.
من جهتها شددت المحامية اللبنانية ساندريلا مهرج على أن توقيف المتهمين أثناء أيام المحاكمة وتقييد حريتهم، خطير على دولة القانون، مطالبة رئيس المحكمة بتخصيص جلسة اليوم لهذه القضية، والإفراج الفوري عن موكلها والسماح له بحضور جلسات المحكمة بشكل حر، وإلا فلتعترفوا أننا أمام عملية اختطاف، يوجد بها رهائن من بينهم رئيس سابق تولى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء وسهر على حماية الدستور لمدة عشر سنوات، وأردفت مهرج " سيدي الرئيس بين القضاء والسلطوية شيء شفاف اسمه الضمير وأعذيكم بربي من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس".
عضو دفاع الطرف المدني المحامي لوغومو عبدول، قال في مرافعته الأولى منذ بداية المحاكمة، إن الطرف المدني يولي أهمية قصوى لهذه المحاكمة ويحترم حقوق الدفاع وحقوق المتهمين، إلا أن مصالح الأجيال مرتبطة بهذه الأموال المهدورة، وأن المهمة في النهاية هو أن يتلقى من هدر هذه الأموال وقام بسرقتها العقوبة اللازمة.
الجملة الأخيرة من كلام لوغومو أثارث جدلا كبيرا داخل القاعة لمدة 10 دقائق تقريبا، حيث اعتبرتها فرق الدفاع عن المتهمين إساءة لموكليهم الذين لم تثبت إدانتهم بعد، واستطاع رئيس المحكمة ضبط القاعة من جديد بعد الاستعانة ببعض أفراد الأمن.
لوغومو واصل حديثه معتبرا أن المحال إلى المحكمة الجنائية يجب توقيفه عن طريق بطاقة إيداع صادرة عن المحكمة وذلك قبل الجلسة الأولى من جلسات المحاكمة، وأن المادة 156 من القانون الجنائي، تؤكد أنه إذا كان المتهم في حالة إفراج مؤقت فإنه بإمكان المحكمة أن تدعوه عن طريق أمر إيداع عشية المحاكمة، وأن ذلك هو ماحدث بالفعل مع المتهمين في ملف العشرية.
من جهته استنكر عضو دفاع الطرف المدني المحامي فضيل ولد الرايس، اعتبار المحامية اللبنانية ساندريلا مهرج المتهمين في ملف العشرية في حالة اختطاف، وتصريح المحامي محمدن ولد الشدو الذي اعتبر فيه أن محاكمة المتهمين محاكمة سياسية بالدرجة الأولى، مؤكدا أن القضاء أمام قضية فساد واضحة وعليه أن يتحمل فيها المسؤولية.
النهاية
النيابة العامة ممثلة في وكيل الجمهوربة القاضي أحمد عبد الله المصطفى، استغربت أن تناقش قرارات المحاكم مع المحاكم نفسها، معتبرة أن الأمر الطبيعي والذي يمكن لفريق الدفاع القيام به هو استئناف القرار، وأن المحكمة الجنائية ليست محكمة رجوع، وأن أمر الإيداع استند لمادتين من القانون الحنائي يمكن الرجوع إليهما في أي وقت.
تعليق النيابة العامة أثار جدلا هو الآخر، فتدخل بعد وكيل الجمهورية مباشرة عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، المحامي السينغالي كليدور لي، مشددا على أن الطرف المدني لايسمح له بالتدخل في نقاش شرعية الحبس الاحتياطي، وأن تدخله يعتبر سابقة في تاريخ القضاء، ثم عاد المحامي محمدن ولد الشدو بمرافعة شديدة اللهجة هاجم خلالها نقيب المحامين الموريتانيين الحالي إبراهيم ولد أبتي معتبرا أنه لم ينجح في الموائمة بين وضعيته كرئيس لفريق الطرف المدني، وصفته كنقيب لجميع المحامين الموريتانيين، ومتهما فريق الطرف المدني، بأنه مجرد فريق احتياطي للنيابة العامة، ومطالبا بالإفراج عن موكله الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أو وضعه على الأقل في الظروف التي يوجد بها بقية المتهمين.
وفي حدود الساعة الخامسة و 40 دقيقة مساء، أعلن رئيس المحكمة رفع الجلسة، قبل البت في قضية إيداع المتهمين في ملف العشرية التي سيطرت على اليوم الثاني من المحاكمة، حتى يوم الإثنين المقبل.