الرئيس يبحث عن وظيفة/ من مذكرات بمبه ولد سيدي بادي
في ليلة 27 نوفمبر 1977 استدعاني الوزير المرحوم عبدالله ولد داداه، وهو أخ غير شقيق للرئيس المختار، إلى عشاء في بيته، وأعلمني أن المختار وحرمه سيكونان ضمن المدعوين، مع السيد حابه ولد محمد فال ووالي نواكشوط كان التيجاني.
ولن أنسى هنا أيضاً التأكيد على أن المختار رحمه الله لم يحضر أي اجتماع خاص بشريحة واحدة؛ كان يرفض الدعوات التي لا يحضرها زنوج أو يحضرها زنوج فقط.
بعد العشاء قمنا من على المائدة فأخذ الرئيس المختار بيدي، وجلسنا في مقاعد بعيدة نسبياً عن بقية الحضور، فقال لي رحمه الله: البطرون، أريدك أن تبحث لي عن عمل معك. كانت ملامحه جادة جداً ولا يبدو عليه أي أثر للمزاح.
قلت له: السيد الرئيس، هل أنت جاد؟.. إن كلامك يفزعني.
قال لي: نعم، جاد جداً.
فجأة جاء حابه ولد محمد فال وجلس بيننا، وبدأ يمازحنا بنكته الطريفة، ففاتت عليّ فرصة معرفة هدف الرئيس من البحث عن وظيفة.
لقد شعرت طيلة تلك الليلة بالألم، لأن المختار لم يفصح لي عما يريد، لكنني شعرت بألم أبلغ وأعمق بعد الإطاحة به، حين عومل بأقصى قسوة وسُجن بعيداً في سجون مضنية قاسية.
أعتقد أن المختار رحمه الله لم يكن يتوقع أن يعامله الانقلابيون بذلك المستوى من القسوة، وكان يتصور أنهم سيمنحونه حق المغادرة، ليواصل حياته ببساطة دون الحاجة إلى الخروج من الوطن.
ويعلم الله جل جلاله، وأنا أكتب هنا بحروف تقتات من القلب والمشاعر والألم أكثر من أي حروف أخرى في هذه المذكرات، أنني كنت مستعداً لمنحه ما أراد وما يكفيه، دون عوض ودون تكاليف، لكنه كان رجلا بسيطاً يبحث عن وظيفة له ولأسرته القليلة، لكن الله شاء غير ذلك ولا معقب لحكمه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من مذكرات بمبه ولد سيدي بادي
التدوينة من صفحة محمد المنى