إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا يدون عن تصريحات رئيس الجمهورية في مدريد
كان حديث الرئيس ولد الغزواني في مدريد ردا مقتضبا على أقوال مجمعة؛ خاليا من التفصيل والإسهاب والتكلف. لكنه خلا من الطمأنة والتبشير.
فتح الرجل الأمل في الغاز لمدة ثانيتين من أصل أزيد من 365ثانية تسربت للعموم.
لايمكن أن نقتطع الحديث الرئاسي من سياقه الخاص وهو حديث مع مغتربين في الغالب عمال وطلاب؛ لكن المفردات لم تكن رئاسية بالمرة.
الرئيس هو القائد الذي يحرض ويشجع ويبعث الروح في أجساد الحيارى والمحبطين والعوام.
والرئيس هو الذي يزيل حديثه الجدب وتزن كلماته ألاف الكتب.
حاشاه من مجانفة الحقيقة لكن ماكان اغنانا واغناه عن وضع الأصبع على الجرح وتصويرنا في لباس النوم.
نحن كرماء واغنياء إن اجترحنا تدبيرا وترشيدا؛ وإسبانيا التي يزورها تحسدنا على المياه الدافئة التي هي أكبر مدفن لغذاء فقرائها ومترفيها من اللحوم البيضاء؛ وقد نكصت فيها الحريات وعاشت تحت الاستبداد والفقر حتى صارت مستعمراتها في أمريكا اللاتينية تسخر منها.
ونحن شعب غني لكننا نفتقد ذلك الحاكم الساحر العاصف الذي يبدع في التشغيل وخلق الثروة والبحث عن الخلل وجلب مجانين الدنيا وتجار العالم؛ ويملأ سماواتنا غبارا وأراضينا أخاديد.
نحتاج رئيسا يجعل سكان النعمة يصدرون وسكان تجكجه محسودين وسكان انواذيبو أثرياء وسكان شنقيط متعودين على البورصة والمعارض وفنادق السبعة نجوم.
كان عليه أن يضيف -وهو الصادق في ما وصلنا من حديثه- أننا لم نحظ بعد بتلك الرؤية الجنية التي تحول حصى الرمل إلى زمرد ومياه المحيط إلى شلالات في آوكار.
وكان عليه أن يعد ويلتزم ويؤمل؛ لا أن يلتقط صورا بائسة للحظات عابرة ليست قدرا وإزالتها مسألة وقت.
وكان عليه أن لايترك القمح يستورد بل يغرسه غرسا وينشئ سلة غذائية منجاة من غوائل إحجام العالم عن تصدير قمحه.
من حق الرئيس أن يرفع الحرج عن نفسه وسامعيه في لحظة مصارحة وهو الرجل الذي صمت لأزيد من خمسين عاما. ومن حقه أن يعبر عن وجهة نظره ويتفاعل مع مالم نسمع كمتلقين في الداخل؛ حيث يمكن أن نسيء فهم الرد لعدم سماع المردود عليه؛ لكن من حقنا أن ننتظر من أحاديث من يحكمنا شمولية وشفافية وحلولا وأملا معا؛ وفي مدريد طغت الأولى على أخواتها.
رائع أن نتلقى درسا عابرا في التخلي والتحلى والزهد من كبرائنا؛ لكن الأروع أن نتجرع التوكل والجلال والجمال والإقدام والتجلي منهم.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا