الأخطاء الطبية، إلى متى! / د.محمد علي الهاشمي
أصبحنا في موريتانيا اليوم لا نخشى الموت، بقدر ما نخشى المرض، لأنه يضطرنا إلى مراجعة المستشفيات الحكومية التي تفتقد للكفاءات الطبية، والرعاية والخدمات الصحية، فضلا عن افتقار الكثير من الأطباء العاملين فيها للتعامل الإنساني مع المراجعيــن . بينما يلجأ ميسوري الحال إلى العيادات الخاصة، وهذه بدورها لا تسلم من مخاطر بسبب نقص خبرة الأطباء وارتكابهم للأخطاء القاتلة، أو تلك التي تتسبب بمضاعفات خطيرة على المريض . ولهذا اضطر الكثير من الموريتانيين إلى طلب العلاج في مستشفيات الدول الإقليمية تاركيـــن الطب الموريتاني يمارس جشعه وتجاربه على الفقراء .
إننا نسمع بين الحين والآخر عن أخطاء طبية قاتلة، ناجمة عن الإهمال، أو نقص الخبرة،
طبيب يخطئ في تشخيص حالة مرضية.. وآخر ينسى مشرطة في بطن مريضه.. وجراح يستأصل جزءاً سليماً من مريض لم يدخل غرفة العمليات إلا بعد إجراءات فحصية وتشخيصية، المفترض أنها حددت موقع الداء وأكدت ضرورة استئصاله!! إنه إسراف في ارتكاب تلك الأخطاء الطبية التي تحصد أرواحاً بالجملة
وقد ألجأت هذه الأخطاء أهالي المرضى المتوفين أو المتضررين إلى تقديم شكوي او طلب تعويض مادي ضد الاطباء المتهمين . وهذا بدوره محفزا قد يدفع الأطباء لمطالبة الحكومة بإصدار قوانين تكفل حمايتهم، او يطالبون بحصانة من نوع خاص، تترك لهم مزاولة مهنة الطب بلا رقابة أو محاسبة إلا من ضمير الطبيب !! . لكن كلنا يجب أن ندرك بأن لا احد مستثنى من المسائلة القانونية، ولا احد يمكن أن يترك إلى ضميره، لا سيما في هذا الزمن الذي تلاشى فيه مفهوم الضميــر .
لقد عرفت الشعوب القديمة المسؤولية الطبية وعملت بها منذ سالف العصور، ولكن وفق العقلية السائدة آنذاك، (ففي الشعوب المتبربرة كانت إذا مات المريض بسبب عدم عناية الطبيب أو جهله، يسلم الطبيب إلى أسرة المريض، ويترك لها الخيار بين قتله أو اتخاذه رقيقا) . إن الكثير من الأخطاء الطبية التي تحدث في المستشفيات العامة والعيادات الخاصة لا يتم التحقيق بأسبابها، ولا ينال المقصر جزاءه العادل وفق القانون، إنما يدفع ثمنها المواطن الموريتاني المسكين من حياته وماله . فيظل يدور بين العيادات الطبية بلا جدوى، او يبيع ممتلكاته الخاصة ويتجشم عناء السفر إلى الخارج باحثا عن من يعيد له الأمل في الحيـــاة .
لذا فالأمر بالضرورة بحاجة إلى اليقظة والتنبه صوب هذه القضية المتعلقة بحياة الناس وصحتهم وهذا بالطبع مالاينبغي أن تغفل عنه إدارات ومكاتب الصحة ووضع التدابير لتفادي الخطأ الطبي والوقاية منه