نظم البدوي
نظم العلامة أَحمد بن محمد البدوي المجلسي لمغازي خير الورى ، كان أعجوبة الزمان أضاف إلى شرف المحتوى جمال السبك وإحكام النظم هين الحفظ غزير المعلومات ، ورزق القبول ، طبقت شهرته الآفاق ونفع الله به.
انظر لبراعة استهلاله:
حَمْداً لِمَنْ أَرْسَلَ خَيْرَ مرسَلِ :: لِخَيْرِ أُمَّةٍ بِخَيْرِ الْمِلَلِ
وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ والسَّلاَمِ :: عَلَى لُبَابِ صَفْوةِ الأَنَامِِ
وَآلِهِ أَفْنَانِ دَوْحَةِ الشَرَفِ :: وَصَحْبهِ وَالتَّابِعِي نِعَْمَ السَّلَفْ
مَا أَرْهَفَتْ وَأَرْعَفَتْ يَرَاعَهْ :: فِي مُهرَِقٍ يَنَابِعُ البَرَاعَهْ
وجَلْجَلَ الرَّعدُ وَسَحَّ مُزْنُهُ :: وَهَبَّ شَمْأَلٌ وَمَاسَ غُصْنُهُ
وانظر لهذه اللطيفة في المقدمة:
وَلِحُضُورِهِ بِكُلِّ ذِهْنِ :: عَنْ ذِكْرِهِ بِمُضْمَرٍ أسْتَغْنِي
أي أنه متى أضاف الضمير الذي ليس له مفسر في الكلام الذي قبله وكان مفردا مذكرا فإنه يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لحضوره في ذهن كل مسلم.
والحضور الذهني مما يُفَسَّر به الضمير عند أهل اللغة ، ومن أمثلة ذلك قوله عنه بأبي هو وأمي:
عن قتل آله نهى إذ خرجوا :: وفي خروجهم عليه حرجُ
وختم المقدمة -وهو من هو علوَ كعب في العلم ورسوخ قدم فيه- بالتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم:
وَاللهَ أَسْأَلُ سَدَادَ النَّظَرِ :: وَعِصْمَةَ الْخَاطِرِ مِنْ ذَا الْخَطَِرِ
وَأَنْ يَكْونَ لِي وَلاَ عَلَيَّا :: وَعِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مَرْضِيَّا
وأن يكون للثوابِ قانِصاً :: لِوجههِ عزّ وجلَّ خالصا
مِمَّا يُلبسُ به إِبليس :: وللهوى في طيهِ تدليس
بجاهِ أفضل الورى محمد :: صلى عليه الله طُولَ الأبَدِ
وما أحسن قوله في غزوة بدر الكبرى
واعتقبوا في ذلك المسير :: كلُ ثلاثةٍ على بعير
أحدُ الجِمال صنع الفرق فشأَى أقرانه وتاه عليهم براكبيه المتعاقبين عليه ، وقد التقط تلك اللحظة التاريخية القاضي سيلوم ولد المژروف فأبدع حين قال:
منهم بعيرٌ نال بالذي حمَل :: ما لا يناله مدَى الدهر جمل
حين تعاقبَ عليه الخيّرَه :: طه وزيدٌ حِبُّهُ وحَيدرَه
وقيل كان أبو لبابة و عليّ يتعاقبان مع رسول اللّه ، على جمل واحد وقيل أبا لبابة ومرثد ، يقول العلامة الشيخ اباه ولد عبد الله في نظم المتعاقبين مع النبي صلى الله عليه وسلم على جمل واحد:
و عاقب النبيَّ في الركوب :: زيد كذا حيدرة الحروب
وقيل أيضا مرثد مع أبي :: لبابة من قبل ردِّه النبي
والمسيرعلى طريق القوافل إلى بدر ليس سفراً يسيراً ، فالمسافة بين المدينة المنورة وبدر تزيد على مائة وخمسين كيلو متراً، ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته غير سبعين بعيراً يعتقبونها.
وقد حاول أبو لبابة وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على نفسيهما، بأن يسيرا هما ولا يسير النبي صلى الله عليه وسلم، فأبَىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أنتما بأقوى منّي على المشي، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما.
ومن جميل سبكه:
وجاء واسغلق بابه البتول :: فاستفهمته أين ماكنت تقول
فقال والفزع زعفر دمه :: (إنك لوشهدت يو م الخندمه)
وقولi فd غزوة المصطلق
وأفزعت ريح خيار النّاتِ :: فقال لابأس بموت عات
فوجدوا كهف المنافقينا :: رفاعة يومئذٍ دفينا
وهو النفاق في الشيوخ لا الشبابْ :: والخير كل الخير فى عصر الشباب
ومن أحسن أبيات نظم المغازي قول الإمام البدوي يصف جوده صلى الله عليه وسلم:
أعطى عطايا شهدت بالكرم :: يومئذٍ له ولمْ تُجمجِمِ
وكيف لا ومستمَدُّ سيبهِ :: من سيبِ ربٍّ ذي عنايةٍ به
أعْطى عطايا أخجلت دُلحَ الدِّيمْ :: إذ ملأتْ رُحبَ الفضا من النَّعَمْ
زُهاء ألفيْ ناقةٍ منها وما :: ملأ بين جبلين غنما
لرجلٍ وبله ما لحقهْ :: نها ومن رقيقهِ وورقهْ
منها أفاد العمَّ ما ناء به :: فهال منه عمُّهُ عن ثوبهِ
ووكلَ الأنصار خير العالمين :: لدينهم إذ ألف المؤلفينْ
فوجدوا عليه أنْ منعهم :: فأرسل النبي من جمعهم
وقال قولاً كالفريد المونِقِ :: عن نظمِهِ ضعفَ سِلْكُ منطقي
قال العلامة حمّاد بن الأمين بن محمدا المجلسي ، في شرحه للغزوات «روض النهاة على شرح نظم الغزوات»:
"أنشد رحمه الله (يعني البدوي):
وكيف لا ومستمد سيببه ..البيت
للفقيه محمد(آبَّ العَلَمْ) ولد المختارولد ألفغ موسى فقال له: أنا ضامن لك الجنة
بهذا البيت ولولم يكن لك غيره من العمل.
ويضيف حمّاد: ثم أوصاني رحمه الله إن أنا متّ فاكتبه في رقعة وادفنها معي ولم أحضر مصيبة المسلمين به".
كامل الود
Sidi Mohamed ( اكس اكس اكرك)