خطاب الرئيس غزواني بالدوحة.. الوعي الاستراتيجي بأبعاد الصراع/ عبد الله حبيب الله

الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، من القلائل الذين يصعدون في سلم الإعجاب بعد كل خطاب؛ وذلك لكونه يتجنب تكرار نفسه، ففي خطابه أمس في قمة الدوحة، استطاع ولد الغزواني أن يشد الانتباه نحو الزوايا الاستراتيجية في الصراع مع العدو الإسرائيلي، دون أن يخرج عن معجم اللغة الدبلوماسية، أو يشارك في إعلان حرب.
كان واضحا أنه يحذر من التداعيات الاستراتيجية لاستباحة إسرائيل سيادة الدول العربية، والإسلامية، وهي استباحة يكرسها الاعتداء على الدوحة، بعد أن تأكدت مع سوريا ولبنان وإيران. 

إن التنبيه إلى سلسلة الأفعال العدوانية لهذا الكيان الغاصب، ليس ترفا خطابيا، يمارسه من يعتلي منصة الخطابة، بل هو وضع للضربة في سياق يوضح بجلاء كونها اعتداء على أمة كاملة؛ فهي مجرد حلقة في سلسلة متصلة من الأفعال العدوانية التي تأسست على حرب الإبادة المشنونة في قطاع غزة، وفي فلسطين بشكل عام.
لقد كان الرئيس غزواني يخاطب بالأساس نظراءه الذين توجد دولهم في مرمى النيران الإسرائيلية، بأنهم لن يكونوا في مأمن من هذا العدو ما لم يتترسوا بموقف جماعي يحمي سيادة بلدانهم، ويعيد العدو إلى "صوابه".
وليكون الكلام ذا وقع خارج القاعة؛ فقد أعاد الرئيس غزواني التذكير بأن مواقف المنتظم العربي الإسلامي يجب أن تترس بقواعد الشرعية الدولية، التي ينتهكها الطرف المقابل، وهي إشارة إلى أن الوقوف مع الاعتداءات التي تشنها "إسرائيل" خروج عن القواعد الضامنة للأمن والسلم الدوليين، وضرب للحائط بقوانين ونظم، أجمع العالم على احترامها، لكن القوة الغاشمة للاحتلال الإسرائيلي تنتهكها بشكل ممنهج.
ويختم الرئيس غزواني كلمته مطالبا بموقف عربي وإسلامي موثر في مسار الأحداث، وهو بذلك يشير إلى أن المواقف التي لا تتبعها إجراءات تفهم العالم جدية متخذي القرار، لن توقف الاعتداءات الممنهجة لحكومة الاحتلال. 

وكأن الرئيس غزواني يقول للقادة إذا كنتم ستكررون نفس الخطابات التي ألقيتم في قمم مختلفة عن غزة ولبنان، ثم تفترقون دون أن تضعوا برنامج عمل، وخطة إجراءات، فإن تأثيركم في مسار الأحداث سيظل محدودا وسيواصل عدوكم ما بدأه، وليس مهما من يأتي تاليا، أو متى يأتي، بل المهم أن الدور قادم على الجميع.