ذ/ محمد ولد المصطفى: غاب الصوت… وبقي الأثر/ عبد الله اگاه

هل يرحل الطيبون إلا صامتين؟ وهل يُؤذن للنجوم أن تنطفئ في وضح النهار، إلا حين يشاء الله أن يُبكي السماء؟
علمت بالخبر في المكتب، من أحد الزملاء… سقطت الكلمة كالصاعقة على مسامعي، وارتجف المكان، وكأن الجدران قد شاركتني الحزن، وسجدت في لحظة صمت دامعة.
ما كنتُ أظن أن الحياة تُجيد الطعن في خاصرة الفقد بهذا الإتقان، ولا أن الموت يصطفي بهذا الهدوء أكرم الزملاء، وأهدأهم، وأطيبهم سيرةً وأشرفهم معدنًا…
كنت طيفًا من سكينة، ووجها لا يُشبه إلا الطمأنينة…
حضرت الصلاة عليك، وودّعتك بالرحمات والدعوات، أن يتغمّدك الله برضوانه، وينزلك منازل المقربين.
أراك مسجّى أمامي، والسكينة تلفّك كما ألفتك في الحياة… أستحضر اللحظات، واحدة تلو الأخرى… أستعيد مشاهدنا في دهاليز المحاكم، مترافعين معا، نذود عن الحق، ونتبادل النظرات والفُتات من الكلام بين جلسة وأخرى…
برحيلك، خسرنا أخلاقا ونبلا، وخسرت المهنة واحدا من أفذاذ رجالها و من أصدق من ارتدى بذلتها.
رحلتَ في صمت…
لن ننسى الترحم عليك… رحمك الله. وداعا إلى ربٍّ غفورٍ رحيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
لا حول ولا قوة إلا بالله
