في حق الزميل النائب: حدمين ولد الغزواني.. شهادة لا تقبل التأويل/ الداه صهيب

أعترف أنني أقف حائرًا أمام هذا السيل الجارف من الحملة التي شُنت على زميلٍ عرفته عن قرب، لا من خلال الصور ولا من خلف الشاشات، بل من مقاعد المسؤولية والعمل، من الاحتكاك الإنساني العفوي، لا من سرديات الإعلام ولا من فوضى الميديا.
ما الذي اقترفه هذا الرجل سوى أنه وُلد في عائلة بعينها؟!
منذ متى كانت الأنساب تهمة؟ ومنذ متى يُسجن الإنسان داخل شجرة نسبه ويُحاكم بها لا بما اقترفت يداه، بل بما لم يختره يومًا؟
أليس من العبث أن يُحمّل أحدنا وزر ماضٍ لم يصنعه، ومسؤولية أفعال لم يكن طرفًا فيها، بل ربما لم يُستشر فيها أصلًا؟
عرفت حدمين ولد الغزواني قبل 2019، وزاملته عن قرب، وأشهد ــ وأتحمل تبعات هذه الشهادة ــ أنه لم يتغير.
لم تُغره المناصب، ولم تُبدله المواقع، ولا تعالت نبرته حين تسلّق السُلّم، بقي كما عرفته أول مرة: متواضعًا، هادئًا، لين الجانب، منفتحًا على الجميع، يحمل بين جنبيه سكينة الداخلين إلى الشأن العام بنيّة الإصلاح لا الاستعراض.
نعم، أعلم يقينًا أن هناك من سيُحمّل كلماتي ما لا تحتمل، وسيرى فيها تقرّبًا أو حسابات نفعية ضيقة.
لكنني أُشهد ضميري، أن شهادتي هذه لا تُبنى على مصلحة، ولا تُساق في دهاليز التحالفات، بل تنبع من انحياز صافٍ للحق، ومن شعور داخلي بالمرارة، بعد أن استمعت إلى شهادات المنقبين، وتلمست بيدي خيوط الحقيقة في هذه القضية التي وُظّفت بطرق أجهل نواياها.
يؤسفني أن أقول إننا نعيش زمنًا بات يُحاكم فيه الإنسان على اسمه، لا على فعله.
زمنًا تتصدّره غوغائية تُصنّع للرأي العام أعداءً وهميين، وتُشيطن من لا يشبه ضجيجها.
فمتى نعود إلى رشدنا؟ متى نُفرّق بين الخطأ والفِكرة، بين الموقف والشخص، بين التهمة والحقيقة؟
ومتى نُدرك أن الانتصار للعدل ليس موقفًا سياسيًا، بل خيارًا أخلاقيًا لا يُؤجَّل؟
في النهاية، هذه شهادة لا أرجو من ورائها تصفيقًا ولا تبريرًا، فقط أردت أن أقول:
لقد عرفت الرجل... وكان كما هو... ولم أره يومًا كما يريد خصومه أن يصوروه.
